- وقد جاءت هذه الآية:«أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ... » والآيات التي بعدها، لتلقى هؤلاء المشركين مع آلهتهم، ولتضع أمام أعينهم موازنة بينهم، وبين الله سبحانه وتعالى، لينظروا فيروا إن كان هناك من آلهتهم من يشارك الله في هذه الصفات التي لله سبحانه وتعالى.. فإن كان يقع لأيديهم أو لأبصاهم، أو لعقولهم شىء من هذا، فليمسكوا بآلهتهم، وإلّا فليروا رأيهم فيها، إن كان لهم- مع أهوائهم المتسلطة عليهم- رأى..
- فقوله تعالى:«أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً..» - هو معادل لمستفهم عنه محذوف، وهو الآلهة التي يمسك بها هؤلاء المشركون، والتقدير: أآلهتهم هذه، أم من خلق السموات والأرض وأنزل لهم من السماء ماء ... ؟.
- وفي قوله تعالى:«فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ» - هو إلفات إلى ما أودع الله سبحانه وتعالى من أسرار في هذا الماء، الذي ينزله من السماء، فيحيى به الأرض بعد موتها، ويكسو عريها حللا زاهية رائعة، ذات ألوان وأصباغ، تبهج النفس، وتشرح الصّدر.
وفي العدول عن ضمير الغائب المفرد فى «أنزل» إلى ضمير المتكلم المعظم ذاته فى «فأنبتنا» - إشارة إلى أمرين:
أولهما: أن إنزال المطر عملية، قد لا يشهدها كثير من الناس، وإذا شهدوها فإن كثيرا منهم قد لا يلتفتون إليها.. أما هذه الزروع، وتلك الجنات التي تزين وجه الأرض، فإنه قل في الناس من لا يشهد هذه الظاهرة، ويملأ عينيه، ومشاعره منها، ومما فيها من حسن وروعة.. فكان من المناسب هنا أن يرى الناس يد القدرة القادرة، وهي تنسج هذه الحلل الجميلة الرائعة التي تنكسو الأرض، وتجلوها كما تجلى العروس في ليل زفافها.. ففى قوله تعالى: