وهذان مجتمعان كبيران، من مجتمعات الضلال.. بينا تراهم العين في دورهم العامرة، ودنياهم المزهرة، ثم يرتد الطرف إليهم، فلا يجد إلا خرابا شاملا، وإلا قفرا موحشا..
إنه لم يذكر عن عاد وثمود ما كان من دعوة الرسولين الكريمين إليهما، وما كان من القوم من رد فاجر آثم على هذه الدعوة.. كما أنه لم يذكر ما حل بهما من نقم الله.. إذ كان الأمر ماثلا للعيان..
فهذه هي مساكن القوم، يراها المشركون، وقد صارت أثرا بعد عين «وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ» .. أي انظروا ماذا بقي من دنيا القوم الظالمين.. ثم احكموا.. «وما راء كمن سمعا» !.
الفهم الذي أستريح إليه في هذا المقطع من الآية الكريمة، أنه تعقيب على هذا الخطاب الموجه إلى المخاطبين بهذه الآية، فى قوله:«وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ» .
وفي هذا التعقيب، اتهام للمشركين بما بينهم وبين الشيطان من تفاهم، وتوافق، وأنهم أتباع مخلصون له، مطيعون ما يشير به.. فهم مع ما تبين لهم من هذا البلاء الذي رمى به الله عادا وثمود، وما ترك هذا البلاء وراءهم من خراب ودمار- هم مع هذا لا يعدلون عن طريقهم الضال الذي ركبوه، ولا يلقون السمع إلى ما يتلو عليهم الرسول من آيات..