مناسبة هذا المثل هنا، هو أنه لما ذكر الله سبحانه وتعالى بعضا من تلك الأقوام الضالة، التي كذبت برسل الله، واستمسكت بما كانت عليه من شرك- كان هذا المثل مرآة يرى عليها الناس- وخاصة أولئك الذين غلظت طباعهم، وتبلدت مشاعرهم- صورة مجسدة لهؤلاء المشركين وما عبدوا من دون الله..
إن هؤلاء المشركين، كالعنكبوت.. فى ضعفها وصغر شأنها..
فهؤلاء المشركون، هم في يد القدرة القادرة، وإزاء سلطان الله الغالب القاهر- أقل من العنكبوت شأنا، وأضعف منها حيلة وحولا..
ثم إن هؤلاء المشركين في ضعفهم وصغر شأنهم، قد اتخذوا من الأصنام، وغير الأصنام، آلهة يعبدونها من دون الله، ليكون لهم منها قوة وسندا- كما يقول سبحانه:«وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا»(٨١: مريم) فكان مثلهم في ذلك مثل العنكبوت، حين تتخذ لها بيتا، تقيمه حولها، وتسكن إليه، وتحتمى به.. إنه لا يثبت لأية لمسة من ربح عابرة، أو حشرة طائرة.. وإن هذه الآلهة التي دخل القوم في حماها، لهى أو هي من بيت العنكبوت، لا تدفع عن الداخلين في حماها أذى، ولا ترد شرا..
- وفي قوله تعالى:«لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» . وصف للقوم بالصفة الغالبة عليهم، وهي الجهل، لأنهم لو كانوا على أي قدر من العلم، لما ارتضوا أن ينسجوا من هذا الضلال دروعا يحتمون بها من رميات القدر..
وفي تشبيه آلهة القوم بنسيج العنكبوت، إعجاز من إعجاز القرآن، إذ أن العنكبوت إنما تتخذ بيتها من خيوط رفيعة هي لعابها الذي إذا لامس الهواء تماسك في صورة خيوط دقيقة واهية.. وهؤلاء المشركون إنما