وإذا كان للأميين المشركين أن يقولوا- جهلا- «إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ» وإذا كان لهم أن يقولوا- استبعادا أو استعظاما- إنه أخذ هذا العلم عن بعض العلماء من أهل الكتاب- فماذا يقول أهل الكتاب في هذا الكتاب؟ وإلى أي نسب ينسبونه، وإلى أي عالم منهم يسندونه؟.
إنه لم يجرؤ أحد من أهل الكتاب أن يقول كلمة واحدة في نسب هذا الكتاب إلى علمهم، أو إضافته إلى أحد من علمائهم.. وقد كان لهم- وهم أصحاب العلم- أن يقولوا شيئا من هذا الذي كان يقوله الأميون، لو أنهم وجدوا لهذا القول مكانا- أىّ مكان- ولو من قبيل التلبيس والتشكيك ...
فلقد كان المدى بعيدا بين هذه الشمس المتألقة في كبد السماء، وبين الأيدى التي تحاول الإمساك بها، وعقد سحب من الظلام في وجه أضوائها المتدفقة!.
ومن هنا، فإنه لا سبيل لأهل الكتاب أن يرتابوا في نسبة هذا الكتاب إلى الله، وأن يقولوا بأن إنسانا أمّيّا، فى أمة أمية، يمكن أن يكون هذا الكتاب، أو شىء منه، من عمله ... وأنه إذا كان يمكن أن يرد عليهم شىء من الشك في أن إنسانا، قارئا، كاتبا، دارسا، يمكن أن يأتى بمثل هذا الكتاب، فإن مثل هذا الشك يكون مستحيلا، إذا جاء الكتاب على يد أمي، ما عرف القراءة والكتابة، ولا حضر مجالس الدرس والتحصيل.
وقد أثار المفسرون جدلا طويلا حول ما إذا كان الرسول قد عرف القراءة والكتابة بعد البعثة أم لا ... وقال كثير منهم إنه- صلوات الله وسلامه عليه- قد عرف القراءة والكتابة بعد بعثته.. وهذا أمر ما كان