يصحّ أن يكون موضع بحث أو خلاف، فقد جاء القرآن ناطقا صريحا بأمية النبىّ، وجعل هذه الأمية صفة دالة عليه، يجده عليها أهل الكتاب في كل حال يلقونه عليها. وفي كل زمن يوجهون وجوههم إليه.. فالله سبحانه وتعالى يقول:«الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ، الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ ... يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ»(١٥٧: الأعراف) .. والأميّة هنا لا شك هى أمية القراءة والكتابة، أما أمية العلم، فقد كان صلوات الله وسلامه عليه- بما علّمه ربّه- عالم العلماء، وحكيم الحكماء، كما يقول سبحانه وتعالى مخاطبا له:«وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً»
(١١٣: النساء) .
فكيف إذن يكون النبىّ قد خرج عن صفة الأمية بعد البعثة، وعرف القراءة والكتابة، ثم يكون بهذا حجة على أهل الكتاب الذي يجدون وصفه فى التوراة والإنجيل، نبيّا أمّيّا فى الأميين؟ ثم ما حاجة النبىّ إلى أن يعرف القراءة والكتابة بعد النبوة؟ أكان ينقل الكتاب الذي بين يديه عن كتب أخرى حتّى يضطره ذلك إلى معرفة القراءة والكتابة؟ أم ماذا؟