المعجزات البينات، حيث تنطق آياته بالحقّ المبين، يتلقاه منها كلّ من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ... وفي هذا يقول الله تعالى كاشفا للمشركين عن عنادهم وضلالهم:«أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ»(١٩٧: الشعراء) .
أي أنه إذا لم يكن عند المشركين علم يعلمون يعرفون به قدر هذا الكتاب، ويفرّقون به بين ما هو سماوى وما هو أرضى ... أفلا كان لهم في علم العلماء من أهل الكتاب، بهذا الكتاب، وإيمانهم به، عبرة يعتبرون بها، ومعلّم من معالم الهدى، يهتدون به إلى هذا الكتاب؟.
وقوله تعالى:«وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ» ... إشارة إلى علماء أهل الكتاب، الذين يعرفون الحق في كتاب ثم ينكرونه، من بعد ما عرفوه.
وفي هذا يقول الله تعالى:«فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ»(٨٩: البقرة) ووصفهم بالظلم، هو الوصف الحق لهم، إذ كتموا شهادة الحق الذي عرفوه ... والله سبحانه وتعالى يقول:«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ»(١٤٠: البقرة) .
بعد هذه اللفتة العارضة إلى أهل الكتاب، وأسلوب مجادلة المؤمنين لهم، وما عند علمائهم من علم بهذا القرآن- بعد هذا عادت الآيات لتصل الحديث مع المشركين، وتكشف عن مقولة من مقولاتهم الفاسدة الحمقاء في مواجهة الدعوة الإسلامية، ومدعياتهم عليها، وعلى المرسل إليهم بها ... فهم