بعد هذه الوقفة مع هؤلاء المؤمنين الذين حملهم المشركون على الهجرة من أوطانهم، بما أخذوهم به من بأساء وضراء- عادت الآيات لتلقى المشركين بقدائفها المدمّرة، التي تدكّ بها حصون الشرك، وتهدم قلاعه، بحجتها الدامغة، وبيانها المبين ...
فالمشركون هنا، في مواجهة سؤال، هو:«مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ» ؟
وإنه لا يجرؤ أحد منهم أن يجيب بأن آلتهم تلك الجاثمة على الأرض، هى التي حلقت السموات والأرض، وأنها هى التي سخرت الشمس والقمر ...
فمن إذن الذي خلق؟ ومن الذي سخّر؟ جواب واحد، هو الله الذي خلق السموات والأرض وسخّر الشمس والقمر ... إنهم لا ينكرون هذا، ولا سبيل لهم إلى إنكاره.. وإذن فكيف يصرفون وجوههم عن الله، ويقبلون على هده الدّمى يعبدونها من دونه؟ أليس هذا سفها وضلالا؟ وبلى إنه السّفه والضلال والضّياع أيضا.
وقوله تعالى:«فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ» هو تعقيب على هذا السؤال، وعلى