للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، ويعمل له.. إنه المستقبل الذي ينتظره، والذي يأخذ فيه مكانه بين الناس وينزل منه منزلته، حسب ما قدم لهذا المستقبل من جهد، وما بذل من عمل..

تماما كما هو الشأن فى حياة الإنسان فى هذه الدنيا، فإن مكانه فى الرجال، ومنزلته فى الناس إنما تتحدد بما كان منه من سعى وعمل فى دور الصبا والشباب ... فإذا لها المرء فى صباه، وعبث فى شبابه، أسلمه ذلك إلى حياة ضائعة وإلى مستقبل أسود كئيب!

إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدا ... ندمت على التفريط فى زمن البذر

وفى قوله تعالى: «لَهِيَ الْحَيَوانُ» بدلا من «لهى الحياة» - إشارة إلى أن الحياة الآخرة هى الحياة، بل هى أصل الحياة، وما سواها من حيوات، ظل لها، أو فرع منها..

وقوله تعالى: «لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» .. اتهام لهؤلاء المشركين بالجهل والغباء، وأنهم لو كانوا على شىء من العلم لما عموا عن هذه الحقيقة، ولما آثروا الفانية على الباقية، ولما اشتروا الضلالة بالهدى ... فإن العاقل العالم، من شأنه أن يميز الخبيث من الطيب، ويفرق بين الغث والثمين.

قوله تعالى:

«فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ» أي أن هؤلاء المشركين اللاهين الغافلين، الذين أعماهم الضلال عن الآخرة، وعن العمل لها، وعن ذكر الله ذكرا خالصا- هؤلاء يظلون سادرين فى لهوهم وشركهم، حتى إذا ركبوا فى الفلك، واستشعروا الخطر، ذكروا الله، وفزعوا إليه، وأسلموا وجوههم له، مخلصين له الدين، لا يذكرون وجها من وجوه آلهتهم، ولا يهتفون باسم معبود من معبوداتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>