وثانيا: فى الآية الأولى من الآيتين. نرى «الرياح» آية من آيات الله، مندرجة مع تلك الآيات تولدت عنها، فكانت آيات قائمة بذاتها..
فما أن تظهر آية الرياح، حتى تختفى، وتأخذ آية أخرى مكانها.. وإذا الذي كل ما للرياح في هذه الآية هو قوله تعالى:«وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ» .
وثالثا: فى الآية الثانية نرى «الرياح» التي لمحناها في الآية السابقة لمحا، وأنها مجرد شىء منطلق- نراها هنا- وقد اهتزت وربت، فكانت منها الآيات الرائعة، المعجبة.. انظر:
الرياح.. تثير سحابا، فيبسطه الله في السماء كيف يشاء، ويجعله كسفا، أي قطعا متراكمة، وسرعان ما يتفتق هذا السحاب عن ودق، أي مطر، يدق الأرض، ويترك عليها آثاره، وإذا الذين يستقبلون هذا المطر، قد لبسوا ثوب البشر، ونزعوا ما كانوا قد لبسوا من قبل، من همّ وكرب! «اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ، فَتُثِيرُ سَحاباً، فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ، وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً، فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ.. فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» .
إن الرياح هنا، هى التي أثارت السحاب، وهى التي قبل أن تثيره قد أثارت وجه البحار وحركت أمواجها، وحملت ما على وجهها من أبخرة إلى السماء، فإذا هى ضباب، وسحاب.. ثم ضربت هذه السحاب بعضه ببعض، فانقدح منه هذا الشرر الذي ولد الرعد، والبرق، والمطر! هذه هى آية الرياح، التي أشارت إليها الآية الأولى، قد كشفت عن وجهها في الآية الثانية، فكانت هذا العطاء الجزيل من آيات الله، ودلائل قدرته..