وتجنب السيّء، إلى مباشرة الإحسان، والتلبس به، فكان من أعمالهم إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة..
وفي قوله تعالى:«وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ» - إشارة إلى أن إقامتهم الصلاة وإيتاءهم الزكاة، ليس عملا تلقائيا، وإنما هو عمل مرتكز إلى عقيدة، هى الإيمان باليوم الآخر، بعد الإيمان بالله، إيمانا محققا، مستيقنا، لا يتلبس به شك أو ارتياب. وبهذا الإيمان الوثيق الذي يقوم في ظله العمل، يجىء العمل على صفة كاملة، حيث يعطيه المرء كل مشاعره، فلا يلحقه ضعف أو فتور.
وقصر الإشارة هنا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من بين جميع الأعمال الحسنة، للدلالة على أنهما رأس الأعمال الحسنة كلها، والقطب الذي يدور عليه كل حسن..
فالصلاة رياضة للنفس، وإعداد لها لتقبل الأعمال الصالحة، والزكاة تطبيق عملى لكل عمل صالح.. إذ كان المال والتصرفات الدائرة حوله، هو المحك الذي تظهر به أخلاق الناس، لما للمال من سلطان على النفوس، فى جمعه، وفي إنفاقه.
الإشارة هنا إلى هؤلاء المحسنين، الذين ذكرتهم الآية السابقة، ووصفتهم بأنهم هم الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويؤمنون باليوم الآخر، إيمانا مستيقنا..
وهؤلاء المحسنون، إنما أحسنوا، لأنهم على هدى من ربهم، إذ أنهم أقبلوا على الله طالبين الهدى، فأقبل الله سبحانه عليهم، وأمدهم بما طلبوا،