يلقى إليه، ولا يتوقف ليسأل: ماذا هناك؟ وماذا يراد منه؟ .. هكذا شأن الذين استبدّ بهم الكبر، وركبهم الغرور..
وفي قوله تعالى:«كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً» .. الوقر: الصمم..
وفي هذا توكيد للصورة التي صورت بها حال هذا الضال الذي أعرض عن آيات الله، ولم يأبه لما يسمع منها، حتى لكأن في أذنيه صمعا.. إذ هو والأصم على سواء، فى هذا الموقف..
وفي قوله تعالى:«فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ» وعيد لهذا المتكبر، العنيد، الأثيم إنه لا يلقى إلا العذاب الأليم، ولا يسمع بعد هذا الإعراض، إلا ما يخرق أذنيه من نذر العذاب والبلاء.. وأنه إذا كان قد أصم أذنيه عن سماع الهدى، فإنه لن يستطيع أن يصمّها عن هذه البشرى التي تزف إليه..
فإن أحدا لا يصمّ أذنيه عن حديث يحمل إليه بشرى مسعدة.. ويا لها من بشرى.. إنها العذاب الأليم! وفي إقامة البشرى مقام النّذير، الذي يفتضيه المقام، إعجاز من إعجاز القرآن.. حيث يستدعى بهذه البشرى، ذلك الذي أصم أذنيه عن سماع آيات الله، ومضى إلى حيث يأخذ مكانه في مجلس اللهو والضلال.. ثم ما إن يتوقف عند سماع كلمة البشرى ويفتح أذنيه لها، حتى تحمل إليه معها ما يسوؤه، فيسمعه مكرها.
فقوله تعالى:«فَبَشِّرْهُ» هى اليد القوية التي أمسكت به، وهى المعجزة القاهرة التي فتحت أذنيه، وألقت فيها بهذا النذير:«بِعَذابٍ أَلِيمٍ» ! قوله تعالى: