للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن عن نظر، وتدبر، وتقدير، وإنما كان عن جهل، وغباء، وتسلّط أهواء. فقد يطلب الإنسان الهدى، ثم لا يهتدى إليه، لسبب أو لأكثر، ومثل هذا الإنسان لا بد أن يجد الطريق إلى الهدى في يوم من الأيام، ما دام جادّا في الطلب والبحث.. أما من ترك لنفسه الحبل على الغارب، وأخذ بكل ما يلقاه، فإنه لن يجد إلا ما تميل إليه نفسه من أهواء وضلالات..

وفي إفراد الضمير في قوله تعالى: «يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ» ثم جمعه في قوله تعالى: «أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ» - إشارة إلى أن تحصيل الهدى، أو الضلال، إنما هو أمر ذاتى، يتعلق بذات الإنسان وحده، ويحاسب عليه وحده.. أما حين يقع الحساب، فإنه يجتمع مع من هم على شاكلته.. فإن كان من أهل الإيمان، والإحسان، اجتمع إليهم، وشاركهم النعيم الذي هم فيه، وإن كان من أهل الهوى والضلال، اجتمع مع أهل الهوى والضلال، وشاركهم ما يلقون من نكال، وعذاب.

قوله تعالى:

«وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً.. فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ» .

هو بيان كاشف لحال هذا الذي يتخذ لهو الحديث، ليصل عن سبيل الله، ويتخذ آيات الله وسبيل الله هزوا. فهذا الضال إذا تليت عليه آيات الله، أعرض عنها، مستكبرا أن يتلّقى ما يلقى إليه من النبي، ومستنكفا أن يلقاه أحد بنصح أو إرشاد.

وفي قوله تعالى: «كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها» - إشارة إلى أنه يمضى في طريقه، حين تتلى عليه آيات الله، كأن شيئا لم يطرق سمعه، فلا يتلفت إلى مصدر هذا الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>