للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وفي قوله تعالى: «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ» إشارة إلى أخفى لون في الصورة التي نبت منها الولد، ونشأ في حجر والديه، وإلفات للولد إلى هذا الخيط الواهي من الحياة التي كانت له، والتي أمسكت به الأم، نطفة ثم علقة.. ثم ما زالت تمسك بهذا الخيط في حرص وحذر، وتفرز له من عصارة حياتها ما يزيده على الأيام قوة ونماء، حتى تفتق عنه رحمها وليدا، طفلا، ثم ما زالت به تحمله بين يديها، وتضمه إلى صدرها، وترضعه من لبنها، حتى يفطم، ويرفع فمه عن هذا الينبوع الذي يمتص منه رحيق الحياة، ليستقبل بعد هذا ما يمده به والداه من طعام، حتى يشب ويكبر، ويستطيع أن يسعى سعيه في الحياة!.

إنها رحلة استمرت نحو عامين، قطعها هذا الإنسان دائرا في فلك أمه، بين حمل ورضاعة.

والوهن: الضعف.. ووهنا على وهن: أي ضعفا على ضعف.. وهو حال من الفاعل والمفعول معا في قوله تعالى: «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ» .. فالضعف الذي تبدأ به حياة الجنين، تتلقاه الأم، فيصيبها منه ضعف، هو ضعف معاناة الحمل..

فيجتمع ضعف الجنين، مع ضعف الأم الوارد عليها منه..

والفصال: الفطام، حيث يفصل الطفل عن جسد أمه، الذي يظل ملصقا به نحو عامين، فى بطنها، وعلى صدرها، وبين ذراعيها..

- وفي قوله تعالى: «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ» تفسير للفعل «وَوَصَّيْنَا» ..

إذ الوصاة تحمل دعوة إلى هدى وخير، ومضمون الوصاة هنا هو الشكر لله وللوالدين.. وقدم شكر الله على شكر الوالدين، لأن الله سبحانه هو الخالق وحده، وإذا كان للوالدين شىء هنا فهو لله أيضا، فما هما إلا من خلق الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>