للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما هما إلا أداة من الأدوات العاملة بقدرة الله وبأمره.. ومع هذا، فإن ذلك عمل من عملهما، يجزيهما الله عليه، وهو حق لله جعله الله لهما على أبنائهما، فضلا منه- سبحانه- وإحسانا.

وقوله تعالى: «إِلَيَّ الْمَصِيرُ» - إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى، له كلّ شىء في هذا الإنسان الذي ولد لهذين الأبوين، وأن هذه المشاركة التي تبدو للوالدين في إيجاد الولد، ليست إلا مشاركة ظاهرية، إن أعطت الوالدين حقّ الإحسان إليهما، والبرّ بهما، فلن تعطيهما حقّ العبادة، على نحو ما كان عليه معتقد أولئك الضالين، الذين يعبدون أصولهم من آباء وأجداد! ومن جهة أخرى، فإن قوله تعالى: «إِلَيَّ الْمَصِيرُ» تنبيه إلى هذا الحق الذي للوالدين على الولد، وأنه إذا قصّر في أدائه لهما، فإنه سيحاسب عليه يوم الحساب، يوم يقوم الناس لرب العالمين، ويعرضون عليه.. لا تخفى منهم خافية.

- وفي قوله تعالى: «وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً» - إشارة إلى موقف آخر، مختلف عن الموقف الأول، الذي يكون فيه الابن مؤديا حق والديه، قائما ببرّهما والإحسان إليهما.. وفي هذا الموقف يكون الأبوان على غير الطريق المستقيم، على حين يكون ابنهما على طريق الهدى والإيمان.. إنهما مشركان بالله، وهو مؤمن.. وقد رأيا في إيمان ابنهما بالله خروجا على طاعتهما، واستخفافا بدينهما لذى يدينان به، وخروجا على تقاليدهما الموروثة عن الآباء والأجداد..

وهنا يقع الصدام، ويكثر الشد والجذب.. فالأيوان يؤرّقهما هذا الذي استحدثه ابنهما من دين، والابن على يقين من أمره، وعلى بصيرة من دينه، وإنه لا سبيل إلى أن يجمعه وإياهما طريق، إلا أن يؤمنا بالله، وهيهات..!

والابن المؤمن هنا، بين حقين يتنازعانه.. حق الله، وهو الإيمان به، وحق

<<  <  ج: ص:  >  >>