الوالدين، وهو طاعتهما، والامتثال لما يدعوانه إليه من شرك وضلال.
وإنه لا خيار.. فإن حق الله أولى وألزم.. إنه يجبّ كل حق، ويعلو على كل واجب.. ولكن مع هذا، فإنه يبقى- مع الاحتفاظ بحق الله، والوفاء به- اللطف، والرفق، والمحاسن.. فإن ذلك لا يجور على حق الله ولا يؤثر في الإيمان الذي عمر به القلب:«وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما.. وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً» .. فهذا هو أعدل موقف يأخذه الإنسان هنا، فيحتفظ فيه بحق الله، ولا يجحد بعض ما لأبويه من حقوق.
روى عن سعد بن أبى وقاص- رضى الله عنه- أنه كان يقول «كنت رجلا برّا بأمى، فلما أسلمت قالت يا سعد: وما هذا الذي أراك قد أحدثت؟
لتدعنّ دينك هذا، أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتغيّربى، فيقال:
يا قاتل أمه!! قلت لا تفعلى يا أمّه، فإنى لا أدع دينى هذا لشىء.. فمكثت يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت قد جهدت، فمكثت يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت قد اشتد جهدها.. فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه، تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا، ما تركت دينى هذا لشىء..
فإن شئت فكلى، وإن شئت لا تأكلى، فلما رأت ذلك أكلت» ! - وقوله تعالى:«وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ» توكيد لما جاء في قوله تعالى:
«فَلا تُطِعْهُما» ومعطوف عليه.
وسبيل من أناب إلى الله، هو سبيل المؤمنين، كما يقول سبحانه:«وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً»(١١٥: النساء) .
وقوله تعالى:«ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» قطع لهذا الجدل،