.. (٤٦: الأنفال) .. «بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ»(١٢٥: آل عمران)«وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ» .. إنه لا عاصم للإنسان من الخسران، إلا أن يعتصم بالإيمان، والصبر..
والصبر، مع أنه مطلوب في كل حال، فإن الحاجة إليه أشد، والطلب له أقوى وألزم، حين يواجه المرء ما يكره من عواقب الأمور.. فهنا يكون الإنسان أمام امتحان قاس لإيمانه بربه وتوكله عليه، وتفويض أمره كله إليه..
فإن لم يجد من الصبر ما يمسك عليه إيمانه، ويقيم وجهه على الرضا والتسليم لله، استبدّ به الجزع، وقتله الهمّ، ووقعت بينه وبين ربه غيوم من التهم والظنون..
وهذه أول مزالق الشرك والكفر بالله..
- وفي قوله:«إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» - الإشارة «ذلك» إلى الصبر..
أي إن ذلك الذي تدعى إليه، وهو الصبر، هو من عزم الأمور، أي من جدّها، وصميمها، ولبابها.. وأنه مما ينبغى أن يحصّله الإنسان، ويربّى نفسه عليه، ويروضها على احتمال أعبائه.. إنه لن يرتفع الإنسان عن مستوى هذا التراب، إلا إذا حلّق بهذين الجناحين: الإيمان، والصبر..