كانت قصة لقمان، وما آتاه الله من حكمة، عرف بها ربه، وأقام كيانه كله على حمده وشكره، ثم ما كان من وصاته لابنه، ورسم معالم الطريق إلى الخير، والهدى، له- كانت هذه القصة معرضا للمشركين يرون فيه مواقع رحمة الله في عباده، وما يسوق إليهم من نعمة العلم الذي يعرفون به ربّهم فيما جاءهم به رسول الله من آيات الله..، إن ذلك هو خير ما يصيب الإنسان فى حياته، وما يحصّل من رزق في دنياه.. وليس المال، ولا الجاه، بالذي يرفع منازل الرجال، وينزلهم منازل الرضوان عند الله، وإنما العلم- والعلم وحده- هو الذي يحقق إنسانية الإنسان، ويعلى مقامه في الناس.
وها هو ذا رسول الله، يحمل الحكمة إلى هؤلاء المشركين، ويكشف لهم بها الطريق إلى الله ولكنهم مع هذا، يأبون أن يقبلوا هذا الخير المساق إليهم، وأن ينتفعوا به..
والآيات هنا تعرض صورا من مظاهر قدرة الله، فيها الحكمة، لمن يعنيه أن يكون من أهلها..
فهؤلاء المشركون، تظلّهم نعم الله، بما سخر في السماء من شمس، وقمر، ونجوم، وتغمرهم آلاؤه بما سخر لهم في الأرض من حيوان، وما أجرى فيها من ماء، وما أخرج منها من نبات- ومع هذا فإنهم لا يلتفتون إلى شىء