للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تلك النعم، وإن التفتوا إلى شىء منها لم يكن لهم منه عبرة وعظة..

بل هم على ما هم عليه من ضلال وعمى، لا تزيدهم الآيات إلا كفرا وعنادا، ولا يزيدهم النور إلا عمى وضلالا..

- وقوله تعالى: «وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً» .

الإسباغ: الإفاضة والشمول، عن سعة وكثرة.. والنعم السابغة:

الكثيرة المتعددة- ودرع سابغة: أي ضافية، كاسية، ومنه قوله تعالى:

«أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ» (١١: سبأ) .

والنعم الظاهرة: ما يعرفها الإنسان، ويلمسها بحواسه، أو يدركها بعقله..

والنعم الباطنة، هى ما لا يعلمه الإنسان من أسرار هذا الوجود الذي يعيش فيه..

والنعم الظاهرة قليلة لا تكاد تذكر إلى جانب النعم الباطنة، التي تغمر الإنسان ولا يشعر بها، ولا يعلم من أمرها شيئا.. وما كشف عنه العلم من أسرار الحياة، لا يعدو أن يكون سطورا من مقدمة كتاب الوجود، وما فيه من أبواب وفصول ...

- وفي قوله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ» إشارة إلى هؤلاء المشركين، وما هم فيه من لجاج، وعناد، مع ما يتلى عليهم من آيات الله.. إنهم يجادلون ويجادلون، وكل ما معهم من أسلحة في هذا الميدان هو الجهل والعناد.. إذ ليس معهم «علم» حصّلوه بالنظر والتأمل، ولا «هدى» تلقوه من الرسول الذي جاءهم بالبينات من رب العالمين ولا «كتاب منير» تلقوه عن رسول من رسل الله، وانتفعوا بما فيه من علم وهدى.. ومع هذا فهم يجادلون في الله، وفي تصورهم لذاته وصفاته، على هذا النحو من التصور الفاسد، الذي يجعل الله على مستوى بشرى، كشيخ قبيلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>