أي أن هؤلاء المشركين، لو سئلوا عمن خلق السموات والأرض، لما وجدوا جوابا إلا جوابا واحدا، ولقالوا: - اضطرار أو اختيارا- خلقهن الله! فإنهم لن يستطيعوا أن يضيفوا خلق السموات والأرض إلى غير الله.. فهذه حقيقة أكبر من أن يتسع لها مراء الممترين، وافتراء المفترين.. إن المشركين ليعلمون أن لهذا الوجود خالقا، ولكن علمهم هذا قد تلبس بأوهام وظنون، واختلط بجهالات وضلالات، فلم يكشف لهم هذا العلم الطريق إلى الله، ولم يطلعهم على بعض ما لله سبحانه من كمال وجلال.. ولهذا كان الطريق بينهم وبين الله ضيقا، مظلما، معوجا، تقوم عليه، وعلى جانبه المزالق والمعاثر.
- وقوله تعالى:«قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» - هو دعوة إلى النبي، وإلى كل مؤمن، بالتعقيب على هذا الجواب بحمد الله، الذي خلق السموات والأرض، فهذا الخلق- ومنه خلق الإنسان- نعمة تستوجب الحمد والشكر للخالق.. كما يقول سبحانه:
«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ»(١: الأنعام) وكما يقول سبحانه: «الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ»(١: فاطر) ..
فبين يدى كل نعمة جليلة يجىء حمد الله، منبها إلى قدر هذه النعمة، ومذكّرا بما ينبغى على العباد إزاءها من حمد وشكران.. «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً»(١: الكهف) . «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ»(٢: الفاتحة) .
- وقوله تعالى:«بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ» - هو إضراب عن كلام سابق