للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوف، دل عليه المقام، وهو لم لم يحمد المشركون الله مع إقرارهم بأن الله هو الذي خلق السموات والأرض، فكان الجواب: لأنهم مستكبرون، ثم أضرب عن هذا الجواب بقوله: «بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ» وذلك ليدل على أن استكبارهم هذا كان عن جهل مطبق.. ولو كان معهم شىء من العلم لأسلمهم هذا الاعتراف إلى الإيمان بالله، والانخلاع عن عبادة غير الله، ثم لحمدوا الله مع الحامدين، وشكروا له مع الشاكرين..

وفي إطلاق نفى العلم: «بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ» إشارة إلى أنهم لا يعلمون شيئا، أي شىء، من أي شىء.. علما نافعا، كاشفا.

قوله تعالى:

«لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» هو إبعاد للمشركين عن الله، وقطع للظنون التي تدور في رءوسهم، حين يدعون إلى الإيمان بالله، وإلى إفراده- سبحانه- بالعبادة، واختصاصه بالحمد، فيخيل إليهم من ظنونهم الفاسدة تلك، أن ذلك الإلحاح عليهم بالدعوة إلى الله، هو لحاجة الله إليهم، وافتقاره إلى عبادتهم.. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا..

فالله «سبحانه» له ما في السموات والأرض.. وإنه ليملك من هؤلاء المشركين ما لا يملكون هم من أنفسهم.. إن كل شىء فيهم، ولهم، ومعهم، هو من عند الله، وإلى الله مصيره.. فكيف يكون الخالق في حاجة إلى المخلوق؟ وكيف يكون المعطى في حاجة إلى من أعطاه؟ «ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ» (٢٧: ص) .

- وفي قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» توكيد لاستغناء الله عن خلقه، وأن إيمانهم أو شركهم، وحمدهم أو كفرهم، لا ينفعه ولا يضره.. فهو «الغنى»

<<  <  ج: ص:  >  >>