هو تثبيت للنبى، وإيناس له من ربه، بالتوكل عليه وحده، وأنه لا وحشة ولا خوف عليه من قطيعة الكافرين والمنافقين، الذين يساكنونه، ويعيشون بين جماعة المسلمين.. فإنهم وإن كانوا كثرة في العدد، ووفرة في المال، فإنهم أخف ميزانا، وأضعف شأنا ممن يسند ظهره إلى الله، ويسلم أمره إليه..
تقرّر الآية الكريمة حقيقة واقعة، هى أنه «ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ» إذ أن ذلك من شأنه أن يفسد نظام الجسد، إذ يقوم في كيانه قوتان، تعمل فيه كل قوة عمل الأخرى، ومن هنا تعمل كل منهما على إجلاء الأخرى من مكانها، فيقع الجسد نهيا لهذا الصراع بينهما، إذ كل منهما تريد أن يكون لها السلطان عليه.. وبينى على هذه الحقيقة أمور:
أولا: أنه لا يجتمع في كيان إنسان ولاء الله، وولاء لأعداء الله.. فذلك من شأنه أن يفسد الأمرين معا، لأنه جمع بين النقيضين: فإما ولاء الله، وإما ولاء لأعداء الله.. وفي هذا يقول السيد المسيح:«لا يقدر أحد أن يخدم سيدين، لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحقر الآخر» ..