للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين أذن لهم بالشفاعة من الله يوم القيامة، وقد عاد الضمير على الاسم الموصول جمعا، بعد أن عاد عليه مفردا، وذلك لأن الإذن بالشفاعة يكون لكل من يؤذن له على حدة.. ثم يتعدد أفراد المأذون لهم، فيكونون جمعا.. فهم أفراد فى أخذ الإذن، وجمع فى العدد المأذون له..

والمأذون لهم بالشفاعة، هم الأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم- فقد أكرمهم الله بقبول الشفاعة فيمن ارتضى الله لهم الشفاعة فيه من أقوامهم، كما يقول سبحانه: «عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» (٢٦- ٢٨: الأنبياء) .

ومعنى الآية الكريمة: أن شفاعة المكرمين من عباد الله فيمن ارتضى شفاعتهم له، لا ينالها المشفوع لهم إلا بعد أن يتلقى هؤلاء الشفعاء الكرامة من ربهم، ويخلع عليهم الأمن فى هذا اليوم، ويدفع الفزع عن قلوبهم.. فهو يوم عظيم، تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها..

وهذا هو السر- والله أعلم- فى الحرف «حتى» الذي يشير إلى غاية بعده، هى الغاية لابتداء قبلها.. أي أن أهل المحشر يظلون موقوفين، حتى يخلص إليهم الرسل، وهنا يسأل كل رسول قومه: «ماذا قالَ رَبُّكُمْ؟» فيقولون جميعا: من مؤمنين وكافرين: «قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ» .. ففى هذا اليوم ينكشف وجه الحق، ويرى أهل الضلال أنهم كانوا على غير طريق الهدى، وأن ما كانوا فيه هو الباطل، وأن ما كان يدعوهم إليه رسلهم هو الحق..

هذا، ويمكن أن يكون للآية الكريمة مفهوم آخر.. وهو أن الضمير فى قوله تعالى: «حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ» يعود على المشركين، المخاطبين

<<  <  ج: ص:  >  >>