وإذا لم تكن الرسالة المحمدية رسالة الإنسانية كلها، لم يكن ثمّة معنى لأن تكون خاتمة الرسالات، وأن يكون رسولها خاتم الرسل..
إن الرسالة الإسلامية، هى الكلمة الأخيرة.. الكلمة الحاسمة فيما بين السماء والأرض، فليس بعدها كلام.. إنها الخاتمة.
وصاحب الرسالة، هو خاتم النبيين.. ليس بعده نبى، ولا وراءه بشير ولا نذير من ربّ العالمين..
وإذا كان ذلك كذلك، فإن لنا أن نقول: إن «محمدا» هو منتخب الإنسانية كلها، وهو مجتمع كمالاتها، فى أرفع درجاتها، وأعلى منازلها..
ذلك، لأنه- صلوات الله وسلامه عليه- جاء إلى الإنسانية حين بلغت رشدها، وحين أراد الله سبحانه وتعالى لها أن تستقلّ بوجودها، وأن تستقيم على الطريق الذي يمليه عليها تفكيرها..
إن الإنسانية- وقت البعثة المحمدية- كانت قد جاوزت طور الصبا، وبلغت أشدها ورشدها، وأصبحت بهذا جديرة بأن تستقل بنفسها، وأن تستهدى بما أودع الله تعالى فيها من عقل، وبما حملت إليها السماء من وصايا.
كانت رسالات الرسل- عليهم السلام- قبل البعثة المحمدية، رسالات «محلية» أشبه بالوصاية على الصغار.. يظهر الرسول فى جماعة من الجماعات، أو بيت من البيوت، يقيم لهم وجودهم المعوج، ويضىء لهم طريقهم المظلم، ثم لا يلبث أن يخلفه عليهم رسول، يخلفه رسول.. وهكذا.. حتى إذا بلغ الكتاب أجله، وأراد الله سبحانه للناس أن يستقلوا بوجودهم، وأن يفكروا لأنفسهم بأنفسهم، بعد أن بلغوا رشدهم، وأصبحوا فى عداد الرجال- جاءت