رسالة الإسلام، يحملها رسولها الأمين.. محمد بن عبد الله.. رسول الله، وخاتم النبيين..
ومن هنا ندرك السر فى أن الرسالة الإسلامية، كانت رسالة «عقلية» تخاطب العقل، وتجىء لإقناعه عن طريق الحجة القائمة على البراهين الاستدلالية، التي يستقيم عليها تفكير الناس جميعا.. عامتهم وخاصتهم على السواء..
إن الرسالة الإسلامية، لم تستند إلى معجزة قاهرة، تطغى على عقول الناس، وتغتال تفكيرهم، وتشل إرادتهم، وتضعهم أمام أمر ملزم لا فكاك لهم منه..
فماذا يفعل العقل إزاء عصا موسى- عليه السلام- وهو يضرب بها البحر، فتنشق من بطنه طريق يبس؟ أو ماذا يقول العقل إزاء هذه العصا حين يضرب بها الحجر- أىّ حجر- فتسيل منه عيون الماء، وتتفجر ينابيعه؟ وماذا يقول العقل فى كلمة عيسى عليه السلام، حين ينطق بها، آمرا الأكمه، أن يبرأ، فيبرأ، وداعيا الأبرص، أن يذهب عنه البرص، فيذهب؟ بل ماذا يقول العقل فى تلك الكلمة تخرج من فم عيسى فيحيى بها الموتى؟ إنه لا مكان للعقل هنا..
إنه لا مفر له من أن يستسلم ويذعن، إن كان قد بقي معه شىء من الوعى، أو أن يعيش فى اضطراب وذهول، ووجوم!! أما الرسالة الإسلامية، فقد استندت فى محاجتها العقل، وفى إقناعه- إلى الكلمة وما فيها من عقل ومنطق..! فلم تطلب إلى الناس أكثر من أن يفكروا فى أنفسهم وبأنفسهم، وأن يستخدموا عقولهم المعطلة، وأن يوجهوا حواسهم إلى هذا الوجود، وأن ينظروا فيما خلق الله فى السموات والأرض..
ثم أن يتقبلوا- فى غير عناد- ما ينكشف لهم من آيات الله، ودلائل قدرته وعظمته.. فإنهم إن فعلوا، فقد أدوا الأمانة التي حملوها، وهى التفكير،