واستخدام العقل الذي أودعه الله فيهم! وفى هذا يقول الله تعالى لنبيّه الكريم:
«قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ.. أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا»(٤٦: سبأ) .. هذا هو عنوان الرسالة الإسلامية، وهذا هو ملاك أمرها..
استخدام العقل، واحترام معطياته، وذلك بالتفكير الفردى، والجماعىّ معا، تفكيرا حرّا مطلقا من كل قيد، محررا من كل تلقيات سابقة!.
فالعقل فى مواجهة الرسالة الإسلامية، محمول على أن يفكّر، وأن يتحرك فى جميع مجالاته، غير مقيّد بشىء، أو مشدود إلى شىء.. إن الرسالة الإسلامية لتغرى العقل إغراء على التفكير، بما تنادى به من دعوات عالية، إلى إيقاظ العقل، وبما تقدّم إليه من صور، وما تفتح له من مجالات، تدعو أكثر الناس بلادة وغباء إلى استخدام عقولهم، واستدعاء تفكيرهم:«أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ.. كَيْفَ خُلِقَتْ؟ وَإِلَى السَّماءِ.. كَيْفَ رُفِعَتْ؟ وَإِلَى الْجِبالِ.. كَيْفَ نُصِبَتْ؟ وَإِلَى الْأَرْضِ.. كَيْفَ سُطِحَتْ؟»(١٧- ٢٠: الغاشية) .. «أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ؟ وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ! تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ! وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ! رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً.. كَذلِكَ الْخُرُوجُ»(٦- ١١: ق) إنها دعوة إلى سياحة روحية، وعقلية، وجسدية، فى رحاب هذا الوجود، وفى استجلاء محاسنه، وملء العين والقلب من روائعه ومفاتنه.
وإنه بحسب المرء أن يصحب معه عقله فى هذه السياحة، فيهتدى إلى الحقّ، ويلتقى على طريق سواء مع محامل الدعوة الإسلامية، من عقيدة وشريعة.. فإن العقل بطبيعته- إذا خلا من آفات العناد والاستكبار- ينشد