رسولا من رسل الله، يدعوهم إلى الله، ويكشف لهم معالم الطريق إلى الحق والهدى!! إنهم أكثر أموالا وأولادا من هذا الرسول، فكيف يقوم فيهم مقام الناصح ذى الرأى والسلطان.. «ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ»(٢٤: المؤمنون) وكيف يتفضل إنسان على من كان أكثر منه مالا وولدا؟
- وفى قولهم:«وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ» إشارة إلى أنهم بما لهم من كثرة فى المال والأولاد، لن ينزلوا عن مقام السيادة لأحد، ثم إنهم إذا عذّب غيرهم من الفقراء والمستضعفين لن يعذبوا هم.. فإن الله ما أعطاهم هذا الوفر فى المال والكثرة فى الأولاد، إلا لأنهم أهل للكرامة، وموضع للفضل عنده، وكما كانوا فى الدنيا فى هذا المقام بين الناس، فهم فى الآخرة- إن كانت هناك عندهم آخرة- فى هذا الموضع أيضا، حيث يعذب الفقراء والمستضعفون، أما هم فلن يعذّبوا، بل ينزلوا منازل الإكرام والإعزاز.. ذلك ظنهم بأنفسهم.. وفى هذا يقول الله تعالى على لسان واحد منهم. «وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى»(٥٠: فصلت) ويقول سبحانه على لسان صاحب الجنتين. «وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً»(٣٦: الكهف) قوله تعالى:
هو ردّ على هذا الفهم المغلوط الفاسد الذي فهمه المترفون، لما لله فى عباده من بسط الرزق أو قبضه.. فليس بسط الرزق أو قبضه من الله سبحانه وتعالى، يحسب منازل الناس عنده، وإنما منازل الناس عند الله بأعمالهم الصالحة،