للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى:

«أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ» .

الخطاب هنا للمشركين. وهو تقرير لتلك الحقيقة التي يشهدونها عيانا، وهى أن الهالكين قبلهم من الأمم السابقة، كثيرون، وقد ذهبوا وذهبت آثارهم، وأنهم لن يرجعوا مرة أخرى إلى هذه الدنيا.. فلم يشتدّ حرص هؤلاء المشركين على دنياهم تلك، التي كل ما فيها باطل وقبض الريح؟ ألا يفكرون فى حياة أخرى وراء هذه الحياة، أبقى، وأعظم؟.

قوله تعالى:

«وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ» .

«إن» هنا نافية بمعنى «ما» و «لما» بمعنى إلّا، أي ما كلّ إلا جميع محضرون لدنيا.. وهذا مثل قوله تعالى: «إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ» .

والمعنى، أنه إذا كانت القرون الكثيرة التي هلكت لم ترجع إلى الدنيا مرة أخرى. فإن لها رجعة إلى الله.. وحضورا بين يديه.. فكل من هلك من الناس راجع إلى الله، للمساءلة، والجزاء..

وفى قوله تعالى: «مُحْضَرُونَ» - إشارة إلى أن هناك قوة تستدعيهم للحضور بين يدى الله، وأن ذلك ليس عن اختيار منهم، ولو كان ذلك كذلك لكان للكافرين وأهل الضلال مهرب إلى عالم الفناء الأبدى، حيث يذهبون ولا يعودون، كى يفلتوا من العذاب الأليم.

وإذا كان الحديث هنا عن المجرمين، فقد كان قوله: «مُحْضَرُونَ» مناسبا لحالهم، التي هم فيها، والتي يمنون النفس بأن لارجعة إلى حياة بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>