أما إذا كان الحديث عامّا إلى الناس جميعا، مؤمنين وكافرين، فأكثر ما يجىء الحديث عن البعث بالرجعة إلى الله، كما يقول سبحانه:«إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى»
(٨: العلق) .
وكما يقول سبحانه:«كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ»(٩٣: الأنبياء) .. والرجوع هنا، هو عودة إلى المبدأ الذي بدأت منه رحلة الحياة.. حيث كانت الحياة من عند الله، ثم رجعت إليه..
وهذا شاهد يشهد للمكذبين بالبعث، بأنه أمر ممكن، وإن إنكارهم له يقوم على فهم خاطئ لقدرة الله.. فلو أنهم نظروا إلى هذه الأرض الميتة، وكيف يحيى الله مواتها، ويبعث فيها الحياة، ويخرج من أحشائها صورا لا حصر لها من الكائنات الحية- لو نظروا إلى هذا لرأوا أن بعث الأجساد الهامدة لا يختلف فى شىء، عن بعث الحياة فى الأرض الجديب.
وقوله تعالى:«وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ» مبتدأ وخبر، وقدم الخبر «آية» على المبتدأ «الأرض» للإلفات إليه، لأنه الآية المراد النظر فى وجهها، وأصل النظم:
«والأرض الميتة آية لهم» وقوله تعالى: «أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ» هو بدل من الأرض الميتة.. وهو بيان لها، يكشف عما فى كيان هذه الآية التي تخرج من الأرض.. والحبّ، هو ما يخرج من نبات البرّ، والشعير والأرز، ونحوها..