وسلخ النهار من الليل، كشطه عنه، وإزالة القشرة النورانية التي تكسوه، كما يكسو الجلد الحيوان.. فإذا سلخت هذه القشرة النورانية عن كيان الكائنات، سادها الظلام..
وفى قوله تعالى:«نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ» - إشارة إلى حركة انسحاب النور، بحركة الأرض، ودورانها حول الشمس، فينسلخ النور شيئا فشيئا عن الأماكن التي تطلع عليها الشمس، وذلك كما يسلخ الجلد عن الحيوان، شيئا فشيئا.. لا دفعة واحدة..
وفى قوله تعالى:«فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ» - إشارة إلى أن كل إنسان يكتسى من النور حلة، فإذا سلخت عنه صار جسما معتما مظلما، وأصبح قطعة من هذا الظلام، تجتمع قطعه بعضها إلى بعض، فإذا هى الليل..
قوله تعالى:
«وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» أي وآية لهم الشمس.. فهذه الشمس تسير فى مدار محدود لها، وتتحرك فى فلك لا تتعداه ولا تخرج عنه.. وذلك بتقدير «العزيز» ذى العزة والسلطان «العليم» الذي تجرى أحكامه ومقاديره بعلم نافذ إلى كل شىء، متمكن من كل كبيرة وصغيرة فى هذا الوجود.
وجريان الشمس، هو حركتها فى فلكها المرسوم لها. وهى تقطع دورة هذا الفلك فى سنة كاملة، وفى سرعة مذهلة.