«وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» .. ويكون الضمير فى تجزون للناس جميعا.. أي ما يجزى الناس إلا بما كان لهم من عمل، إلا عباد الله المخلصين، فإنهم يجزون أضعاف ما عملوا، فيقبل الله منهم حسناتهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، فضلا منه وإحسانا.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا»(٣٧ سبأ) .. أما أصحاب النار، فإنهم يجزون بما عملوا.. كيلا بكيل. ومثقالا بمثقال..
والمخلصون من عباد الله، هم الذين أخلصوا دينهم لله، فلم يشركوا به شيئا، ولم يجعلوا ولاءهم لغيره..
قوله تعالى:
«أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» هو بعض ما يجزى به عباد الله المخلصون:
«لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ» أي معدّ وحاضر لهم.. «فَواكِهُ» .. هى بعض هذا الرزق.. وخصّت بالذكر، لأنها مما يتفكه به بعد الطعام، إذ هى مما يناله المترفون فى حياتهم، بعد أن يأخذوا حاجتهم من الطعام.. «وَهُمْ مُكْرَمُونَ» أي أنهم ينالون هذا الرزق، وهم فى موضع الاحتفاء والتكريم..
«فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ» متعلق بمكرمون.. أي أن منزل إكرامهم والاحتفاء بهم، هو جنات النعيم.. «عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» حال أخرى من أحوالهم، وهم فى هذا المنزل الكريم.. إنهم على سرر، يواجه فيها بعضهم بعضا، ويأنس بعضهم إلى بعض، كما يقول سبحانه: «عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٥- ١٦ الواقعة) .