«وأيضا.. فإنهما.. أي إبراهيم وسارة.. بشرا به (يعنى إسحق) على الكبر، واليأس من الولد وهذا بخلاف إسماعيل، فإنه ولد قبل ذلك (كما تصرح بذلك التوراة) ..
هذا بعض ما ساقه ابن تيمية من أدلة على أن إسماعيل هو الذبيح.. وإذا كان لنا أن نضيف إلى هذا شيئا، وهو مستغن بذاته عن كل إضافة..
فإنا نقول:
أولا: إن الله سبحانه ذكر عن إسماعيل قوله: «وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ، وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا»(٥٤: مريم) .
وصدق الوعد، هو صفة كاشفة لما كان من إمضاء إسماعيل ما وعد به أباه فى قوله:«يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ.. سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» وقد وجده كما وعد، لم تختلج فيه خالجة تردّد، أو رجوع عن هذا الوعد.
بل مضى به إلى غابتة صابرا، مستسلما لأمر الله، منقادا ليد أبيه، حتى أضجعه مضجع الذّبح، وبدأ يجرى السكّين على رقبته! وقد تكرر فى القرآن وصف إسماعيل بالصير، وجمعه مع الكرام الصابرين من رسل الله، فقال تعالى:«وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ»(٨٢- ٨٥: الأنبياء) هذا، على حين لم يجر القرآن ذكرا خاصا لإسحق، وإنما كان دائما فى سباق الحديث عن ذريّة أبيه من الأنبياء..
فاختصاص إسماعيل بهذا الذكر المنفرد، ووصفه بتلك الصفة التي هى من