فعند الموت، يرى أهل الضلال مصيرهم المشئوم الذين هم صائرون إليه، فيعرف الضالّ منهم أنه كان من أمره على ضلال، فيقول:«يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ» .
والتفريط، معناه: التقصير، وجنب الله: هو ما لله، وما ينبغى له من طاعة وولاء من عباده.. و «إن» هى المخففة من إنّ الثقيلة المؤكدة..
أي وإنى كنت لمن الخاسرين، إذ بصّرت فلم أبصر، وجاءنى الهدى، فلم هتد، وقد اهتدى الناس وضللت، وربح المؤمنون وخسرت..
والمقولة الثانية، وهى قوله:«لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ» يقولها عند ما يبعث من قبره، ويساق إلى المحشر.. حيث يأخذ مكانا ضيقا بين المجرمين، على حين يرى أهل الإيمان والإحسان فى سعة، فى موكب كريم، تحفّ به البشريات من كل جانب..
والمقولة الثالثة.. يقولها حين يرى العذاب، ويساق إليه، فيقول:
و «لو» هنا للتمنّى: حيث يفزع أهل النار إلى هذه الأمانىّ الباطلة، قائلين:«رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ»(٣٧: فاطر) .
قوله تعالى:
«بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ» هو جواب على سؤال، مقدّر، هو والسؤال ردّ على هذا الذي يتمناه الضالّ يوم القيامة، من العودة إلى الحياة الدنيا، ليؤمن بالله، ويكون من المهتدين..
والسؤال المقدّر هو: «ألم يأتك رسولى؟ ألم يسمعك الرسول كلامى؟