ألم يتل عليك آياتي؟ «بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي.. فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ، وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ» .. فما لك تطلب العودة إلى الدنيا مرة أخرى؟ وهل تكون فى هذه المرة على حال غير حالك الأولى؟ إنك لن تكون من المهتدين أبدا.. إنك من أصحاب النار.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
ما أشأم هذا الإنسان الذي يدعى من ربّه بهذا النداء الكريم:
«يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ.. إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً.. إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» .. ثم لا يستجيب لهذا النداء، ولا يحثّ الخطا إلى ربّه، ثم يظلّ جامدا فى مكانه، مسرفا على نفسه فى مواقع الضلال، حتى تطوى صفحته من هذه الدنيا، ثم إذا هو يساق إلى جهنّم، لتكون له مأوى، يذوق فيه العذاب طعوما وألوانا! وقوله تعالى:«ترى» بمعنى تبصر، فالرؤية رؤية بصرية، لا علمية وقوله تعالى:«وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ» جملة من مبتدأ وخبر، وقعت حالا من الاسم الموصول «الذين» أي تبصرهم يوم القيامة، وهم على تلك الحال:
«وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ» .
واسوداد الوجوه، كناية عن الكرب العظيم الذي أحاط بهؤلاء الكافرين، إذ كانت الوجوه هى الصفحة التي يبدو عليها ما يجرى فى كيان الإنسان، من مشاعر وعواطف وأحاسيس، سواء أكان فى حال نعيم، ومسرة،