البارزة فى دولة فرعون.. فقد يكون أميرا، أو وزيرا، أو قائد جند..
ونحو هذا..
وهو- ثانيا- «يَكْتُمُ إِيمانَهُ» .. وكتمان الإيمان هنا، ليس عن ضعف أو خوف، حتى يحمل إيمانه على أنه كان مجرد إعجاب بموسى، وميل إلى الطريق الذي هو عليه، إذ لو كان غير منظور فيه إلى شىء آخر، لآمن كإيمان السحرة، ولما منعه بطش فرعون وجبروته أن يعلن هذا الإيمان، متحديا فرعون، مستخفّا بكل ما يلقى فى سبيل الحق، والجهر به.. وكلا.. فإن إيمان هذا المؤمن كان إيمانا راسخا وثيقا، قائما على اقتناع بلغ مبلغ اليقين القاطع.. وإنما كان كتمان هذا الإيمان عن سياسة حكيمة، وتدبير محكم..
كما سنرى..
فالرجل لم يكن يريد الإيمان لنفسه وحسب، بل إنه كان يريد أن يكون داعية لفرعون وقومه جميعا إلى الإيمان بالله.. ولو أنه أعلن إيمانه، وجاء إلى فرعون يدعوه إلى أن يؤمن كما آمن هو، لما استمع فرعون إلى كلمة منه، ولأخذته العزّة بالإثم، وأبى عليه كبره وعناده، أن ينقاد لداعية يدعوه إلى أي أمر، ولو فتح له أبواب السماء.. وهل أتى المكذبون برسل الله إلا من دعوة الرسل إلى متابعتهم، والإيمان بالإله الذي سبقوهم إلى الإيمان به؟ وهل كانت مقولة المكذبين برسل الله إلا ترجمة لهذه المشاعر، التي تملأ صدور المكذبين أنفة وكبرا أن يكونوا متابعين لغيرهم، مسبوقين غير سابقين؟ وهذا ما يشير إليه قوله تعالى على لسان هؤلاء المكذبين:«ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ»(٢٤: المؤمنون) وقوله سبحانه: «أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ»(١١١: الشعراء) . وقوله جل شأنه على لسان فرعون:«أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ»(٤٧: المؤمنون) .