وثالثا: فى الوحى بالشيء رفق ولطف بالموحى إليه، ومخاطبته بالإشارة دون العبارة.. وهذا يعنى أن الذين يخاطبون بهذا الوحى هم فى درجة من الفطنة والذكاء وكمال العقل، بحيث لا يؤخذون بالزجر والقهر، وإنما يقادون بالحكمة، والمنطق، وهذا ما يتفق والرسالة الإسلامية، التي كمل بها دين الله، والتي من شأنها أن تلتقى بأوفر الناس حظّا من الكمال الإنسانى..
وسؤال آخر..
وهو: لماذا لم يجىء ذكر الأنبياء على نسق فى الترتيب الزمنى، فجاء ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد نوح، وقبل إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام؟ ..
ثم لماذا وقد سبق ذكره- صلوات الله وسلامه عليه- إبراهيم وموسى وعيسى-لماذا لم يسبق نوحا أيضا؟
والجواب- والله أعلم- من وجوه كذلك:
فأولا: قدّم النبىّ صلوات الله وسلامه عليه، على إبراهيم وموسى وعيسى، لأن رسالته هى مجمع رسالات الأنبياء عليهم السلام، وكتابه الذي أنزل عليه هو المهيمن على الكتب السماوية.. إذ قد جمعت الرسالة الإسلامية ما تفرق فى الرسالات السابقة، فكان الإسلام هو الدين كلّه، دين الله الذي كان لكل نبى نصيب منه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ»(١٩: آل عمران) وقوله سبحانه: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ»(٣٣: التوبة) وقوله سبحانه: «قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ