إبراهيم، وإن كانوا جميعا قد تنكّبوا الطريق السّوىّ للدين الذي يدينون به..
وقوله تعالى:«كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ» - هو نحس للمشركين وتبكيت لهم، وازدراء لغرورهم الذي أراهم فى أنفسهم هذا الذي باعد بينهم وبين كتاب الله، ورسول الله، فأنفوا أن يستجيبوا لبشر مثلهم، وأن يتناولوا من يده الدواء الذي يشفى عللهم، ويذهب بأسقامهم..
لقد كبر عليهم هذا، ورأوه مما ينزل بقدرهم وينال من مكانتهم.. وإنه لعجيب غاية العجب، أن يكون هذا موقفهم من كتاب هو المهيمن على الكتب السماوية كلها، ومن رسول هو خاتم الرسل، ورسالته خاتم رسالات السماء، ومن دين هو مجتمع دين الله؟ «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ» .. فهذا هو الدين الذي شرعه الله سبحانه وتعالى لهم. واصطفى لحمله إليهم صفوة أنبيائه، وخاتم رسله.. فكيف يستقبلون هذه المنّة العظيمة بهذا الكبر الأحمق، وهذا الغرور السفيه؟.
هو تعقيب على موقف هؤلاء المشركين من دعوة الله سبحانه وتعالى، التي يدعو بها رسوله الناس إلى الله.. إذ ليس كلّ مدعوّ مستجيبا لهذه الدعوة، ولكن الله سبحانه وتعالى يختار من بين المدعوين من يدخلهم فى ضيافتهم، ويأخذ بيدهم إلى رحاب كرمه وإحسانه، فيستجيبون للداعى مسرعين، فى غير تردّد أو إبطاء، وهناك آخرون من بين المترددين والمبطئين سوف يلحقون بهؤلاء السابقين، ويدخلون فى ضيافة الله سبحانه، إذا هم نزعوا أقدامهم من هذا الموقف المتردد الذي هم فيه، وأخذوا طريقهم