للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الله.. إن الله سبحانه- سيهديهم إليه، وبيسر لهم سبل الوصول إلى رحاب فضله وإحسانه.. «وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ» .. وهكذا تختلف منازل الناس عند الله.. فأناس يجتبيهم ويختارهم، ويحملهم حملا على مطايا الفضل ومراكب الإحسان.. وأناس ينتظر بهم حتى يكون منهم سعى إليه، واتجاه إلى مواقع رحمته.. وعندئذ تلقاهم عناية الله على أول الطريق، فتقودهم إليه، وتنزلهم منازل رضوانه.. وأناس قعدوا حيث هم فأركسوا فى ضلالهم.. إنهم لم يكونوا من أهل الاجتباء، فتخف بهم مراكب اللّجا إلى الله، ولم يكونوا من ذوى القدرة على السباحة والعوم، الذين تمسك أيديهم بحبل الله، فيسلمهم ذلك الحبل إليه.. بل كانوا من غير هؤلاء وأولئك، ممن لم يرد الله لهم النجاة، فكانوا من المغرقين.

«أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ» .

قوله تعالى:

«وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ» .

أي أن أهل الكتاب- من اليهود والنصارى- كانوا على حال واحدة من الكفر والضلال، قبل مبعث الرسل إليهم، فلما بعث الله فيهم الرسولين الكريمين- موسى وعيسى- وجاءهم العلم على يديهما، وبيّنا لهم الهدى من الضلال- تفرقوا شيعا، فكانوا يهود ونصارى، وما كان اليهود: مؤمنين، وكافرين، ومنافقين، وكان النصارى: مؤمنين وكافرين ومشركين.. وهكذا تنازع القوم أمرهم، وفرقوا دينهم، كما يقول الله سبحانه وتعالى فيهم: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ.. ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ» (١٥٩: الأنعام) .

<<  <  ج: ص:  >  >>