أي ولولا ما سبق من قضاء الله، فى أن يؤخر حساب هؤلاء المختلفين من أهل الكتاب، إلى أجل مسمّى، موقوت لهم، وهو يوم القيامة- لولا هذا الذي سبق من قضاء الله «لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ» ، أي لفصل بينهم، وأخذ كل منهم بما يستحق من جزاء فى هذه الدنيا، فنجّى الذين آمنوا، ووقع بأس الله بالقوم الظالمين.
وقوله تعالى:«وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ» - الضمير فى «مِنْهُ» يعود إلى «الدِّينِ» فى قوله تعالى: «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً» وهو دين الإسلام، الذي يدعو إليه رسول الله بالكتاب الذي أنزل إليه من ربه..
والذين أورثوا الكتاب من بعدهم، هم أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، الذين عاصروا الدعوة الإسلامية، فهؤلاء الذين يدينون باليهودية والنصرانية، هم الذين أوتوا الكتاب من بعد آبائهم الذين أورثوهم- مع هذا الكتاب الذي فى أيديهم- فرقة فيه، واختلافا عليه، وهم لما ورثوا من فرقة وخلاف فى دينهم- فى شك وارتياب من هذا الدين الإسلامى الذي يدعون إليه، إذ كان دينهم الذي هو من هذا الدين، قد تغيرت معالمه، وطمست وجوهه، فلما التقى بدين الله الذي يردّ أصل دينهم إليه- لم يجدوه ملتئما معه، ولا آخذا سبيله، فكان ذلك الشك المريب منهم فى دين الله! قوله تعالى: