«الفاء» فى قوله تعالى: «فَلِذلِكَ» - للسببية، والإشارة إلى هذا الخلاف الذي وقع بين أهل الكتاب فى دينهم، والذي أدى بهم إلى الشك والارتياب فى النبي وفيما يدعو إليه من دين الله..
أي فلأجل هذا فلا تلتفت إلى أهل الكتاب، ولا تقف طويلا معهم، إذ كانوا وتلك حالهم من الشك والارتياب.. «فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ» أي فقم بدعوتك، واصدع بما تؤمر، مستقيما عليه، غير ناظر إلى ما يجىء إليك من القوم من جدل ومراء.. «وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ» فإن ما يجادلون به، هو أهواء وضلالات.. «وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ» أي قل آمنت بهذا الكتاب، وبما أنزل الله من كتاب سماوى سابق لهذا الكتاب الذي بين يدىّ.
كما يقول الله تعالى لنبيه الكريم:«قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»(٨٤: آل عمران) .
وتنكير الكتاب فى قوله تعالى:«مِنْ كِتابٍ» وجرّه بمن الدالة على الاستغراق- للإشارة إلى أن النبي مؤمن بكل كتاب نزل من عند الله.
قوله تعالى:«وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ» أي أمرت لأدعوكم إلى دين الله، بالعدل والإحسان، لا أكرهكم عليه، ولا أجادلكم إلا بالتي هى أحسن.
وقوله تعالى:«اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ» أي أن الرب الذي أدعوكم إليه ليس ربىّ وحدى، حتى يكون لى مصلحة خاصة فى دعوتكم إليه، فهو سبحانه ربكم كما هو ربى.. وفى هذا تعريض باليهود الذين يجعلون الله سبحانه وتعالى ربّا لهم وحدهم، يؤثرهم بما عنده من خير وإحسان، فيسمونه ربّ إسرائيل،