التي تعمل السوء، تستطيع أن تفعل الإحسان، وأن الإنسان الذي يسلك طريق الشر، هو نفسه يمكن أن يسلك طريق الخير.. وإذن فإنه لا حجاز بين المشركين وبين الإيمان، وأنهم إذا كانوا يلبسون رداء الشرك الآن، فإنهم قادرون على أن ينزعوا هذا الثوب، وأن يتزبّوا بزىّ الإيمان.. فى لحظة واحدة.
وهذا ما يشير إليه التعقيب على هذا بقوله تعالى:«إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ» فهذه مغفرة الله الواسعة، مبسوطة لمن يجيئون إليه، تائبين من ضلالهم، متبرئين من شركهم، حيث تشملهم الرحمة والمغفرة.. وحيث يشكر الله لهم ما صنعوا بأنفسهم من إحسان.. «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ» وإنه ليس أخسر صفقة، ولا أضلّ سبيلا، ممن يرى- وهو المذنب الغارق فى الذنوب- يد المغفرة مبسوطة له، ويد الإحسان ممدودة إليه، ثم يحمد حيث هو، متلطخا بآثامه، غارقا فى ضلاله.
هو إضراب على موقف المشركين الذين دعوا إلى أن يخرجوا من موقفهم العدائى للرسول- إلى المحاسنة والمودة، إن لم يكن لأنه رسول الله، فلأنه منهم، وهم قومه، وأولى الناس به- ولكنهم أبوا أن يستجيبوا لهذه الدعوة التي تأتيهم من جهة القرابة والنسب، بعد أن رفضوا الدعوة التي جاءتهم من قبل السماء، هدى ونورا.
فهاهم أولاء ماضون فى كيدهم للنبىّ، وعدوانهم عليه، واتهامهم له بالكذب:«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً» .. فهذا هو كل ما استقبلوا به الدعوة الكريمة إلى المودة فى القربى.