للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى:

«وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ، وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ، وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ» هو بيان شارح لقوله تعالى: «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ» فهذه الآية- كما قلنا- دعوة للمشركين الذين اقترفوا السيئات، أن يعودوا إلى أنفسهم، ويقيموها على طريق الهدى، ويقترفوا الحسنات، كما اقترفوا السيئات.. ثم كان أن تهدّدهم الله بما يقولون من منكر القول فى رسول الله، وذلك ما حكاه القرآن الكريم عنهم فى قوله تعالى: «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً» ، ثم تهددهم بذهاب هذا النور الذي طلع فى ظلام ليلهم إليهم، فقال تعالى: «فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ.. إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» .

وفى قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ، وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ، وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ» عودة إلى المشركين بعرض هذا النور عليهم بعد أن آذنهم الله بزواله عنهم، وفى هذا وصل لتلك الدعوة التي دعوا إليها باقتراف الحسنة، وبيان شارح لها، على اعتبار أن هذا التهديد اعتراض واقع فى ثنايا هذه الدعوة..

ففى قوله تعالى: «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً.. إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ» دعوة إلى التوبة، وإلى اقتراف الحسنات بعد اقتراف السيئات.. وفى قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ» بيان للجهة التي يتوجه إليها التائبون بتوبتهم.. إنها إلى الله وحده.. فهم إنما يقدمون أعمالهم إلى الله، ويتوجهون بتوبتهم إليه، وعندئذ يجدون الله سبحانه هو الذي يتلقاها منهم.

وفى هذا إغراء باللّجأ إلى الله، وإطلاق الإنسان من أىّ ولاء لغير الله.. وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>