للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى:

«وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ» ..

والغيث- وهو رزق من رزق الله- إنما ينزل بقدر، وحساب، حسب تقدير حكمة الله.. فهذا الغيث ينزل فى مواقع دون مواقع، فيكون حيث نزل الغيث، الخصب والنماء والخير الكثير. ويكون حيث لا غيث، الجدب والقحط.. وهكذا يكون الغنى والفقر، والرخاء والشدة.. وبهذا يعتدل ميزان الناس فى الحياة، ويتوازن موقفهم على جانبى الرجاء واليأس، والأمن والخوف فلا يكونون على حال واحدة أبدا، إذ لو كانوا على هذه الحال أو تلك، لا يتحولون عنها لملوا هذه الحياة، ولسئموا المقام فيها، ولجمدت مشاعرهم عليها.

وقوله تعالى: «مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ» أي ينزل الغيث على عباده بعد أن يئسوا، وظنوا أن لا غياث لهم مما هم فيه، من جدب يسوقهم إلى التهلكة..

فإذا أصابهم الغيث بعد هذا الكرب العظيم، زغردت فى صدورهم بلابل البهجة والمسرة، وأقبلت عليهم الحياة بمواكب الأعراس، تزف إليهم بشائر الرزق والرحمة.. «وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ»

أي ببثها هنا وهناك، فيكون فيها الحياة للأرض، والغذاء والرّى للإنسان، والحيوان، والنبات..

وقوله تعالى: «وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ» أي أن الله سبحانه هو «الْوَلِيُّ» أي الناصر والمعين، لا ناصر لكم غيره، ولا معين لكم سواه، حين تمدون أيديكم إلى من ينصر، وترفعون أبصاركم إلى من يعين.. وهو سبحانه «الْحَمِيدُ» أي المستحق للحمد وحده، على ما أنعم من نعم، وما أفاض من خير.

وفى الحديث الشريف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لوفد

<<  <  ج: ص:  >  >>