للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى:

«وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ، وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ» .

هو معطوف على قوله تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا، وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» - أي هذا الذي عند الله من خير، هو للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، وهؤلاء هم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، وإذا ما غضبوا هم يغفرون.

وكبائر الإثم، هى كبائر الذنوب، كالقتل، والربا، وشرب الخمر، والزنا، ونحوها.. والفواحش: هى المنكرات، من قول، أو فعل.. وصورتها البالغة فى الفحش، تتمثل فى الزنا، ولهذا غلب على الزنا، الوصف بالفاحشة.

وفى قصر التجنب على كبائر الإثم، وكبائر الفواحش- إشارة إلى أن الصغائر معفوّ عنها، فضلا من الله وإحسانا، كما يقول سبحانه: «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى» (٣٢: النجم) .

فكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، وليس من طبيعة الإنسان أن يتجنب الخطأ تجنبا مطلقا، ولكن الذي تحتمله الطبيعة البشرية هو أن يكون منه الإحسان إلى جانب الإساءة، وأن يتجنب الكبائر، إذ كان وجهها القبيح ظاهرا ظهورا بينا.. أما الصغائر، فإنها كثيرا ما تعرض للإنسان، وكثيرا ما يختلط عليه أمرها.. ولهذا يقول الرسول الكريم: «فقاربوا وسدّدوا» أي اجتهدوا فى أن تكونوا أقرب شىء إلى الاستقامة والسداد.

وقوله تعالى: «وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ» هو صفة أخرى من صفات

<<  <  ج: ص:  >  >>