الذين آمنوا.. وهى أنهم إذا ما استغضبوا، وغضبوا، غفروا لمن كان منه المساءة التي أغضبتهم.
وفى قرن المغفرة بالغضب، إشارة إلى أن المغفرة التي تكون والإنسان فى حال الاستثارة والغضب، هى المحمودة فى باب المغفرة، لأنها تجىء عن مجاهدة ومغالبة للنفس، إذ يقهر فيها الإنسان شهوة الانتقام، وبلوى فيها زمام هواه إلى حيث الصفح والمغفرة:«وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»(٣٥: فصلت) .
وقرن المغفرة بالغضب، أبلغ من قرنها بالإساءة.. فقد يساء إلى الإنسان، ولا يغضب، ولا تتحرك فى نفسه داعية الانتقام، فتكون مغفرته حينئذ مغفرة لم يتكلف لها الإنسان مجاهدة، ولم يحمل فى سبيلها مئونة..
وفى ذكر المغفرة هنا، إغراء بها، إذ كانت فى معرض مغفرة الله سبحانه وتعالى لما يقع من الإنسان من اللمم، ومن صغائر الذنوب.
قوله تعالى:
«وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» هو استكمال لصفات الذين آمنوا.. فهؤلاء المؤمنون، من صفاتهم أن يستجيبوا لربهم، أي يمتثلوا أوامره، ويجتنبوا نواهيه.. ومن امتثالهم لأمر، أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة.. وإقامة الصلاة، هى الركن الأول من أركان الدين بعد الإيمان بالله. وإيتاء الزكاة، هو الركن الثاني بعد إقامة الصلاة..
وفى قوله تعالى:«وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ» - إشارة إلى أن من صفات