ولقد أشرنا من قبل إلى ما للشورى من آثار فى بناء المجتمع، وفى حياطة هذا البناء، وفى دفع العوارض التي تعرض له، وتهدّد وجوده..
ونريد هنا أن ننظر إلى المجتمع الإسلامى، الذي يقوم أمره على الشورى، وما للشورى من آثار مادية، ونفسية، وروحية، وعقلية. فى حياطته، ودعم بنائه.
فالمسلمون مطالبون.. ديانة.. كما هم مطالبون سياسة وتدبيرا.. أن يقيموا أمرهم كله على الشورى.. وهذا من شأنه أن يجعلهم دائما فى تواصل وفى تواص بالنصح، ومشاركة فى السراء والضرّاء، حيث يجد المرء أنه مطالب بأن يكشف لأخيه عن المشكلات التي تعرض له، فيجد من صاحبه الرأى والنصيحة يبذلها له فى إخلاص، بل ويسعى معه فى دفع الضرّ عنه، ما استطاع، حسبة لله، وأداء لحق وجب عليه..
فإذا كان الأمر العارض من البلايا العامة، التي تمسّ المجتمع، أو طائفة من المجتمع، تنادى لها المسلمون جميعا، وتداعوا عليها بالرأى، والعمل معا، وحمل كلّ منهم همها، وشارك فيها بكل ما وسعه من جهد.. هذا ما يقضى به الدّين، إلى جانب ما تقضى به ضرورات أخرى كثيرة..
وآثار هذه المشاركة كثيرة عميقة..
فأولا: أنها توحّد مشاعر المجتمع الإسلامى وتشدّ المسلمين بعضهم إلى بعض.. وتجعل منهم جسدا واحدا، فلا يشعر أحدهم أنه بمنجاة من الخطر الذي يهدّد أي عضو من أعضاء الجماعة.. وهذا ما يشير إليه الرسول الكريم فى قوله تعالى:«مثل المؤمنين فى توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمّى والسهر» ..