للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيا: فى عرض مشكلات المجتمع على الجماعة، وطلب الرأى والنصيحة من أفرادها- تربية للفرد على أداء وظيفته الاجتماعية معها، وإفساح مكان له فيها.. وهذا من شأنه أن يهيىء للفرد فرصا طيبة، يبرز فيها وجوده، ويربّى فيها ملكاته، وينمى قواه المدركة، حتى يكون أهلا لأن يأخذ مكانه منها، وهذا بدوره، داعية قوية تدعوه إلى طلب العلم والمعرفة، وإلى لقاء الجماعة بما حصل من علم، وما وعى من معرفة..

وثالثا: فى عرض الآراء، وفى تقليب وجوهها، تصحيح لكثير من الآراء الخاطئة، وبالتالى تصحيح للمشاعر التي تتوالد عن هذه الآراء، والتي لو شارك المرء الجماعة فى عمل من الأعمال، وهو بهذه الآراء، وتلك المشاعر، لكان آلة متحركة بغير وعى، عاملة بغير شعور، إن لم يكن جسدا غريبا، يعوق مسيرة الجماعة، ويقلل من جهدها.. ولهذا كانت دعوة الله سبحانه إلى النبىّ الكريم، بأن يقيم أمره فى المسلمين على الشورى، فيقول سبحانه:

«فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ.. فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» (١٥٩: آل عمران) .. والرسول صلوات الله وسلامه عليه- بما أراه ربه- فى غنى عن المشورة، وعن أخذ الرأى من أحد، فإنه- صلوات الله وسلامه عليه- كما وصفه الحق جلّ وعلا: «وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى» (٣: النجم) .. ولكن هكذا أقام الله سبحانه أن النبىّ مع الجماعة الإسلامية على المشورة، حتى تصحح الآراء الخاطئة على ضوء المشورة، وحتى يشترك الجميع مع النبىّ فى إقامة الرأى، وفى حمل تبعة العمل، وتحمل المسئولية فيما ينجم عنه.. وقد رأينا النبىّ صلوات الله وسلامه عليه- بين يدى غزوة «بدر» يدعو الناس إليه قائلا: «أيها الناس.. أشيروا علىّ» .. وذلك أنه صلوات الله وسلامه عليه، حين خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>