للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى هذه الأحرف، وإلى أنها صورة من صور الوحى، التي يتصل فيها النبىّ بربّه جلّ وعلا.

وثانيا: فى قوله تعالى: فى ختام السورة: «وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ... الآية» .. إشارة إلى أن هذا الوحى هو مما كلم الله به نبيه.. والكلام لا يكون كلاما حتى تكون له دلالة مفهومة عند من يلقى إليه هذا الكلام.. لأن الكلام نقد متداول بين معط وآخذ، ولن تنم عملية المبادلة حتى يكون لهذا النقد قيمة معترف بها بين الطرفين، أو الأطراف المتعاملة به.. وقيمة اللغة هى فى دلالتها، وفى تحديد مفهومها بين المتخاطبين بها..

فكلام الله سبحانه وتعالى لرسله، سواء كان وحيا، أو من وراء حجاب، أو عن طريق رسول سماوى ينقله إلى الرسول البشرى- هذا الكلام الإلهى لا بدّ أن يكون واضح الدلالة، بيّن المفهوم عند الرسول المتلقى لهذا الكلام، قبل كل شىء.. ثم لا يمنع ذلك من أن يكون للناس- وخاصة قوم الرسول- مشاركة فى هذا الفهم، على اختلاف فى درجات هذا الفهم.

من الألف إلى الياء.. على حين تبقى للرسول درجة خاصة من الفهم لا يشاركه فيها غيره! ونعود إلى الاجابة على سؤالنا آنفا، وهو: إذا كانت هذه الأحرف المقطعة، وحيا خاصا من الله سبحانه وتعالى إلى رسوله الكريم- فلماذا كانت قرآنا يتلى ويتعبد به؟ وكيف يتعبد بما لا مفهوم له؟

والجواب على هذا.. والله أعلم.. هو:

أولا: أن اختصاص الرسول الكريم، بفهم خاص، لبعض كلمات وآيات

<<  <  ج: ص:  >  >>