هو رد على هذا المنطق السقيم السفيه، الذي تجرى عليه مقابيس الأمور عند هؤلاء المشركين، وأنهم لا يفرّقون بين مطالب الجسد وحاجة الروح، ولا ما هو من غذاء الأجسام، وغذاء العقول..! فالإنسان العظيم عندهم هو من جمع ما جمع من مال، وما استكثر من عتاد ورجال، وإن كان لا حظّ له من عقل سليم، أو خلق قويم.
وقوله تعالى:«أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ» . إنكار على المشركين ما أنكروه على النبىّ أن يكون موضع هذا الإحسان العظيم، وحامل هذا النور القدسىّ السماوي.. إنهم ليسوا هم الذين يقسمون هذه الرحمة، بل هى بيد الله سبحانه وتعالى، يضعها حيث يشاء، وتختصّ بها من عباده من يشاء.
وهذه هى حظوظهم التي بين أيديهم من الدنيا.. هى بيد الله.. يعطى منها ما يشاء لمن يشاء.. فليست حظوظهم منها على سواء.. فكل له منها ما قسم الله له.. فبعضهم غنىّ واسع الغنى كثير المال، وبعضهم فقير، لا يملك شيئا، وبعضهم كثير المال لا ولد له، وبعضهم كثير الأولاد ولا مال له، وبعضهم سقيم امتلأت يداه بالمال، وبعضهم صحيح صفرت يداه من المال.
وهكذا.. هم فى معيشة الحياة الدنيا درجات بعضها فوق بعض.. وذلك لأمر أراده الله، وهو أن يعيش النّاس فى هذه المستويات المختلفة، حتى يملأوا كلّ فراغ فيها، وحتى تتدافع بهم تيارات الحياة، كما تتدافع الأمواج على صدر المحيط.
وقوله تعالى:«لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا» .. إشارة إلى أن هذا