وقوله تعالى:«مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ» حالان لنائب الفاعل للفعل «وضع» أي وضع البيت مباركا وهدى للعالمين.
وقوله تعالى:«فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ» بيان للبركة التي شملت هذا البيت، وللهدى الذي يفيض على الناس منه.. وتلك الآيات كثيرة.. منها أنه كان أقدم بنيّة لله على هذه الأرض، ومع ذلك ظل محتفظا بوجوده، لم تذهب به الأحداث، ولم يأت عليه الزمن كما أتى على آثار الأولين، وعفّى على كل معلم من معالمها.. أما هذا البيت فهو أقدم معلم على هذه الأرض، ومع ذلك فهو لا يزداد مع الأزمان إلا وضوحا ورسوخا.. حتى فى عهود الضلال والوثنية..
كان له فى قلوب الوثنيين وفى عقولهم من الإجلال والتقديس ما له فى قلوب المؤمنين وعقولهم من إجلال وإكبار وتقديس! ومن الآيات القائمة فيه، أنه كان ولا يزال أبدا حرما آمنا، يجد عنده من يلوذ به من إنسان وحيوان وطير، الأمن والسلامة، فلا تمتد إليه يد بأذى ولا يناله أحد بمكروه، توقيرا لهذا البيت، وتكريما لمقامه الكريم.. حتى إن أشدّ الناس فتكا، وأقساهم قلبا، وأكثرهم إضرارا بالناس وأذى، لا يجد فى نفسه القدرة على انتهاك حرمة هذا الحرم.. بل إنه سرعان ما يستولى عليه شعور الأمن والسلام، وإذا هو أمن وسلام، مع المؤمنين السالمين، فى جوار الحرم الأمين.
ومن الآيات البينات فى هذا البيت أنه لا يزال أبدا مهوى الأفئدة، ومجتمع الحجيج من مختلف الأمصار والأجناس والألسنة، حتى إذا صارت إليه هذه الألوان المختلفة من الناس، أحالها لونا واحدا، وأوردها مشربا واحدا، وجمعها على أمر واحد!.
وقوله تعالى:«وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ» هو خبر يراد به الأمر،