ففى السماء، النجوم، والكواكب.. وهى مسخرة بأمر الله سبحانه وتعالى، فى دورانها فى أفلاكها، على ما يرى الناس منها، فى جميع الأوقات..
وهى قائمة على ما أقامها الله عليه، من إرسال أضوائها، وأنوارها على الأرض، دون أن يكون للناس شأن، أو حول، فى تحويل مداراتها، أو تغيير نظامها..
ثم إن للناس مع هذا أن ينتفعوا بكل ما أمكنهم الانتفاع به منها.. فإذا كشف لهم العلم عن إمكان اختزان الطاقة الحرارية للشمس، واستخدام هذه الطاقة فى إدارة المحركات، وتسيير البواخر، والقاطرات، والسيارات، وغيرها- فذلك مما سخر الله للناس، ويسر لهم الانتفاع به.. وقل مثل هذا فى كل ما يمكن أن يحصل عليه الإنسان من عالم السماء..
وفى الأرض.. ما لا يحصى من قوى الطبيعة المختزنة فيها، والتي جعل الله مفاتحها فى يد الإنسان، بما يكشف له العلم من أسرار..
فهذا البناء الشامخ للمدنية، وما تزخر به الحياة فى هذا العصر من ألوان لا حصر لها- هو مما أودعه الله سبحانه وتعالى فى هذه الأرض، وهو ما استطاعت يد الإنسان أن تطوله.. وهناك ذخائر كثيرة لا تزال مطوّية فى صدر الطبيعة، تنتظر يد الإنسان القادر على الوصول إليها، وكشف الستر عنها..
وقوله تعالى:«جَمِيعاً مِنْهُ» حالان من لفظ «ما» فى قوله تعالى: «ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» أي سحر كل هذا مجتمعا، فى حال أنه من الله سبحانه وتعالى.. أي من فضله وإحسانه..
هذا وقد رأى بعض أصحاب الجدل والمراء، من طوائف المعتزلة والمتصوفة وغيرهم، أن فى قوله تعالى:«مِنْهُ» يشير إلى أن هذا الوجود فى أرضه وسمائه، هو من ذات الله، وأن هذه العوالم هى ظل الله، وتجلّياته، أو هى الله ذاته.. إلى